اللغة الكردية
بدون شك فإن اللغة الكردية هي فرع من اللغة الهندو-أوربية(الآرية) وهي قريبة جداً من اللغة الفارسية وهذه اللغة لم تهب عليها رياح التطور بما فيه الكفاية وينقسم اللغويون بشأنها الى قسمين القسم الأكبر يقول أن اللغة الكردية لغة قديمة وهي اقدم حتى من الفارسية والقسم الآخر يعتقد بأن اللغة الكردية هي لهجة من اللهجات الفارسية انفصلت عن اللغة الأم على مر الزمن. وفي الحقية تظهر بعض اللهجات القديمة ضمن اللغة الكردية ولاتمت بصلة إليها وبعيدة عنها كل البعد وقد تشكلت من اللغات الفارسية والكردية والتركمانية والعربية حتى أن الأكراد وخاصة الكرمانج لايفهمونها كاالورية والهورامية والكلهورية والدنبلائية(الزازائية) ولكن يمكن التصور بأن هذه اللهجات الغريبة هي بقايا اللغة الميدية أو البهلوية القديمة ثم طرأ عليها تطور وتغيير ضمن اللغة الفارسية ويعود ذلك الى الشاهات الإيرانيين الذين كانوا يجبرون العشائر الكردية الرحل على التجوال والاختلاط بالعشائر الفارسية وبحكم التجاور هذا أيضاً مع القبائل التركية في العهود السابقة فإن القبائل الكردية تخلت عن الكثير من مفردات لغتها الى القبائل التركية التي اقتبستها وأصبحت ملكاً للغتها ومع مرور الزمن لم يعد الأكراد قادرين على تذكرها والتكلم بها أو لفظها وكذلك أخذ العرب المفردات الكردية وجعلوها ملكاً لهم وخاصة بعد اعتناق الأكراد الدين الإسلامي وليس الأكراد وحدهم قد تخلوا عن مفردات لغتهم الى العرب بل حدث ذلك مع جميع الشعوب الاسلامية حيث أصبحت بعض كلماتها أيضاً ملكاً للغة العربية ونشاهد اليوم كلمات من اللغات الروسية والأرمنية والأوربية تدخل الى اللغة الكردية فأسماء الطاولة وآلات وأدوات الطعام والألبسة والحصاد والفلاحة وحتى تعليم أبناء الكرد قد أصبحت أوربية وفارسية وتركية وعربية .ولكن اللغة الكردية وعلى الرغم من تلك المحن التي مرت بها فقد بقيت متحصنة في خنادقها ومتارسها تقاوم عوامل الفناء وتحافظ على نفسها حتى اليوم متجسدة في الأغاني والقصائد والقصص والدبكات الشعبية فهناك أغان فولكلورية قديمة تؤدى في مناسبات ومواسم معينة كأغاني بردان وبردولاب(1) وبيلوته(2) وكانت هذه عوامل ساعدت على الحفاظ على اللغة من الإندثار.هذا وعندما تحين ساعة تحرير الكرد وكردستان ،فيتسنى عندئذ للأكراد تطوير لغتهم وسيحافظون عليها نقية من كل شائبة. وهناك أمران اثنان يساهمان في اغناء أية لغة الأول هو وضع مرادفات للكلمات الدخيلة والثاني هو التقدم الإقتصادي الذي يساهم في إيجاد كلمات أو مصطلحات جديدة تعطي للغة زخماً واندفاعاً كبيرين نحو التطور والإرتقاء.
ويقول البدليسي .إن اللغة الكردية تتالف من اربعة أقسام أو لهجات وهي :
الكرمانجية واللورية والكورية والكلهورية ولكن تظهر اليوم الى جانبها اللهجة الزازائية وقد أخذت أبعاداً واضحة ضمن اللهجات الكردية ويمكن أن تكون هذه اللهجة قد اعتبرت كلهورية في عهد البدليسي ولذلك لم يأت على ذكرها ولكن في الحقيقة فإن اللهجة الزازائية بعيدة عن الكردية ويحتمل أن تكون البهلوية القديمة علماً بأن عاصمة هؤلاء القديمة كانت تسمى (بهلو- بالو) كما يمكن أن نعتقد اليوم بوجود لهجتين كرديتين كبيرتين تتنافسان فيما بينهما لكي تسبق احدهما الأخرى ولتصبح اللغة الكردية الرسمية لكل الأكراد ويميل السيدان توفيق وهبي ومحمد أمين زكي بك الى اللهجة الكرمانجية ويعتبرانها اللغة الكردية الأصلية وأن سوران هم كرمانج الجنوب وكان الملا أحمد الخاني يضع الكرمانجية في مقام اللغة الكردية الرسيمة والمطلع على اللهجات الكردية يرى اختلافات بين هاتين اللهجتين الكبيرتين الكرمانجية والسورانية ويمكنكم الرجوع الى كتابي (النحو وقواعد اللغة الكردية) لتدركوا الفوارق بينهما من حيث الألفاظ والكلمات فإن الكرمانجية أخف وأسهل وأعذب من السورانية ولكن تتقدم اللهجة السورانية على الكرمانجية في نواحي الإهتمام بها من حيث القراءة والكتابة والتدريس وثم تأليف كتب عديدة بهذه اللهجة أكث من الكرمانجية فهي منذ خمسين سنة تدرس في المدارس والجامعات ولكن الكرمانجية من حيث المجالات الأدبية كالقصة والأغنية والشعر فهي أغنى وأوسع من السورانية.ويقف محمد أمين زكي بك متعجباً من اللهجة الكرمانجية ويقول كيف صمدت هذه اللهجة حتى الآن وقاومت الزوال واللغة أو اللهجة الكرمانجية قادرة على احتواء مجالات عديدة كالأغاني والشعر ولأغاني الراقصة والقصة والملحمة وأغاني الحصاد واالبردان والبردولاب والبردستار والبيلوتة وبشكل معبر ودقيق أما في السورانية فتختفي مثل هذه المجالات ولا يقف على قدميه سوى الشعر.ويظهر في منطقة أربيل (الحيران) ونقول لها (لاوكى شنكالي) وفي أربيل للأغنية مقام واحد فقط بينما في اللهجة الكرمانجية لكل أغنية (لاوك) مقام محدد بخلاف (حيران) أربيل هذا وقد وصنفت قواميس لكلتا اللهجتين وفي أرمينيا طبعت الكثير من الكتب باللهجة الكرمانجية كما طبعت بعضها في تركية وسورية وبعضها قيد الطبع. وطبع رشيدكرد وكمال بادلي وأنا (جكرخوين) كتباً في قواعد اللغة الكردية ووضع جلادت بدرخان وكاميران بدرخان طبعات لألف باء الكردية بالحروف اللاتينية في سورية ولبنان كما طبع كاميران مقاطع ونثريات باللغة الكردية وهناك مؤلفات ظهرت في سورية بالحروف اللاتينية وبعضها دواوين شعراء طبعت بعضها وبعضها لم تطبع بعد وباللهجة الكرمانجية ومن الكتب التي طبعت (ديوان الجزيري)و(مموزين) لأحمد الخاني و (روضة النعيم) للأختبي و(سيف الملوك)لسيابوش. كما أن بعض الدواوين مثل ديوان (الملا زاهر) وديوان (حجي فتاح)وديوان(لجي)وديوان(مر)وبعض الكتب التاريخية التي الفتها لم تطبع بعد وفي أرمينيا السوفيتية تطبع بعض الكتب القيمة كما ألفت بعضها في سورية أيضاً ولم تطبع بعد.ولكن مهما كان الكتب التي ألفت باللهجة الكرمانجية فإنها لم تصل بعد الى مقدار ماكتب وألف منها باللهجة السورانية ولكن ماالعمل فللذين لايريدون الخير لكردستان دور كبير في عدم تأليف وطبع الكتب باللهجة الكرمانجية وحتى في بادينان لايستطيع الكرمانج تعليم أولادهم بلهجتهم ويفرض عليهم السورانيون بالقوة اللهجة السورانية في المدارس وبقي البادينيون دون تعليم يذكر وفي الختام فإن هاتين اللهجتين تتنافسان على احتلال مركز الصدارة بين الأكراد وكل منهما تسعى للوصول الى مرتبة اللغة الرسمية لكل الأكراد